مجلة الأدهم للشعر والادب رئيس مجلس الادارة الاستاذ أدهم السعيد 

الأربعاء، 13 مايو 2020

(يوما ما ستأتي) قسه بقلم د. عبدالوهاب الجبوري


(يوما ما ستأتي)
قصة من روائع الادب العربي 
بقلمي : د. عبدالوهاب الجبوري 
***
كانت طبيعته المهنية وأخلاقه وأسلوبه في التعامل مع زملائه في الدائرة مثار أعجابها وأعجاب كل الزملاء ، تطور فيما بعد الى علاقة حب قوية بينهما ... كان حسن مثلما أحبته ، نسيماً عليلاً في حقل من ضوء ، وقد ملأ الحب قلبيهما وأمتد عميقاً في ياسمين الصباح وفي جلنار المساء .. وسوسةٌ تسللت إلى قلبها ، فباتت حزينة تتدحرج فوق عتمة الليل كنجم يلاعب ظله .. مضت في فلوات الصمت تتكيء على جسدها المتعب ، تتشابك مع أحلامها ، والريح العاقر تلاحقها ، تزحف خلفها كأفعى رقطاء وفي عينيها شهوة انثى مسعورة .. تسلقتْ برج الورد ، في محاولةٍ للتخلّص من وسوستها ، إلا أنها لم تقدر فانتابها الصداع والوجع وراح ظلها يتشبث بأغصان النور رغم مرارة العذاب في صمت لياليها الطويلة .. رآها حسن تبكي وقد غرق وجهها الطفل بالدموع ، فتأرجحت روحه بين الحزن والأسى كغصن تتلاعب به الريح أنى شاءت .. يمّم شطر قلبه الى روحها علّه يعينها على تجاوز محنتها ، ثم حدث نفسه : مباركة يا سماء الجراح المغطاة بالصمت والعنفوان ، لم تكن حبيبتي في يوما ما شقية ، و لم تنهر صبيأً أو صبية أو حتى يمامة ، وإذا ما جاع الرمل بينها وبين الصحراء يوما كانت تصير رغيفاً عفيفا .. هكذا كانت رهيفة القلب ، تبكي من تلقاء نفسها كما لو صيغت من دمع وحنين ، درةٌ نقية من عامة الناس ، بسيطة، طيبة ، تتأجج عنفواناً ووقارا ومهابة .. ، تنزوي وحيدة وهي ممتلئة بالليل وقلبها متعب .. صمتَ قليلا ، ثم بكى وتذكر أن أنينها كان يرقبه في كل الأزقة والمنعطفات ، وتذكر قبلة الجبين التي غافلته على حين وجد ، وألقت بأفيائها في لظاه الحنون .. ختم حديثه لنفسه : قد حصل لها ما حصل ، ولكنه سيزول كما قدره الله ، وتخضرّ في صدرها الضحكات الأنيقة ، وصباحها سيكون الأجمل ، وتكون هي جميع نساء الفصول .. وجهي ينهض فيها لتخرج من قامتي أذرع ورجال ، ويغتسل الأفق بالكبرياء ، وتكون أجمل كل النساء ، وتأتي في أول الفجر ، كوجهها حين أبتدأنا .. ختم قوله : وتأتي الحبيبة معافاة ، لا مرض ولا وسواس .. وتأتي زماناً جديداً وغباراً جديداً ، حبيبتي العشية نافذة يعبر الآن منها المساكين، تعبر منها الطيور، والرصاص، والمياه، حبيبتي العشية 
فلسطين متكئاً للحياة..


عبدالوهاب الجبوري 
2020/5/5/13

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق