مجلة الأدهم للشعر والادب رئيس مجلس الادارة الاستاذ أدهم السعيد 

الأحد، 30 أكتوبر 2022

عقودٌ من الخيبات. د. غادة ناجي طنطاوي. Ghada_tantawi@

 عقودٌ من الخيبات.

د. غادة ناجي طنطاوي. Ghada_tantawi@
(لكل جوادٍ كبوة) .. زائرة غير مرغوب فيها، تزوره في أحلك أوقات انكساره لتغرقه في تسونامي خوفٍ عارم..!! مقولة صحيحة للغاية، فمن منا لم يخطئ..؟؟
البعض عاد لرشده سريعًا، فقرر أن يسبح ضد التيار لتصحيح زلَّاته، وهم قلة..!! والبعض الآخر أخذته العزةُ بالإثم، فحاول جاهدًا تجميل واقعه المشين، وإيجاد حلول تفوق المنطق لِتُسكِت ضميره المستغيث..!!
للخوف رائحةٌ لا يشمها إلا المذنبون..!! هيئةٌ مفزعة نعتاد بشاعة منظرها كلما أذنبنا، حتى باتت ذنوبنا أمر لا مفر منه وقلق لا يعرفه سوى أصحاب القلوب الضعيفة.
الذنوب لا تُمحَى ولا تموت إلا بالإستغفار والتوبة، أما التجاهل يحولها بمرور الوقت إلى هياكلٍ عظمية في خزانة الذاكرة، تزورك في أسوأ كوابيسك كل ليلة، لتذكرك بهفواتٍ نهاك شيطانك عن الإستغفار عنها..!! والكارثة العظمى أن لعقلك الباطن، قدرة عجيبة على اجترار كل جرحٍ شعرت به.. كل كلمة عتبٍ توقظ بداخلك احساس؛ (يا ليتني مت قبل ذلك وكنت نسيًا منسيًا). كل لحظة سقوط آلمتك.. وكل ثانية التهمتك فيها نار الندم لتحولك رمادًا لحطبها.
قنبلة لومٍ موقوتة قابعة في وجدانك، يشعل فتيلها أي مؤثراتٌ خارجية من حولك على كثرة إختلافها..!! فأحيانًا تلوح لنا في أبيات قصيدةٍ قرأناها..!! لحنٌ عابرٌ يسافر بنا عبر الزمن..!! وأحيانًا أخرى، تتجلى في مشاهد -فيلمٍ أو مسلسل- تشبه واقعًا عشناه يومًا ما..!!
كبرت وعرفت أنه لا مجال للصدفة في حياتنا..!! فكل ما نمر به من أحداثٍ نعتبرها صارخة، أتتنا في واقع الأمر لتنبه غافلًا، توقظ نائمًا أو تذكر متناسيًا. عرفت أن ما كسره عنف الشباب وطيش المراهقة لن يصلحه الشيب إن تأخر..!! وأنك في سباقٍ دائم مع سيف وقت إن لم تقطعه قطعك..!!
تعلمت أن أبقي عيناي مفتوحة طوال الوقت، وأن أصغي لأصوات ضميري العالية القادمة من المجهول، لعلها كانت دعوة أمي. حلفت اليمين في محكمة ضميري، الذي اكتشفت مع الأيام بأنه يقظٌ للغاية، ولن تفلح كل وصفات الأطباء ولا تعويذة الدجالين لوضعه في حالة سباتٍ مؤقت.
تأكدت تمامًا بأن ما تزرعه شوكًا في شبابك تحصده علقمًا يفقدك حاسة التذوق في كبرك..!! وأن الكذبة التي تكذبها حتى تخفي أمرًا ما عن أحدهم في صغرك، تتبعها ألف كذبةٍ لتغطيها في كبرك، وهنا يبدأ طوفان الخوف لديك، وينفرط عقد الخيبات، خيبةٌ تلو أخرى، ينقشع الضباب عن شواهد قبورٍ نجح في حجبها لفترةٍ طويلة، وتدق أجراس تأنيب ضميرك لتسمع كل أصم. تعتاد حياة البؤس، ويصبح الذنب لديك أمرٌ عادي ومتطلب من متطلبات وحشٍ لحياةٍ فارغة صنعتها بنفسك.
وإن كنت ممن تَبتَلوا إلى الله يومًا، سترى الحقيقة في أسوأ حلةً لها قبل فوات الأوان، لتصلح ما أفسده شيطان هواك.
أفيقوا قبل أن تمضي بكم الحياة على صراطٍ ستسقطون منه حتمًا عندما تحاسبوا.
قد تكون صورة مقربة لـ ‏شخص واحد‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق